قال اللهُ تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33]
ففي هذه الآيةِ مَنقَبةٌ عظيمةٌ شَرَّف اللهُ بها آلَ البيتِ؛ حيثُ طهَّرهم من الرِّجْسِ تطهيرًا.
 قال ابنُ عَطِيَّةَ: (الرِّجْسُ: اسمٌ يقَعُ على الإثمِ وعلى العذابِ وعلى النَّجاساتِ والنقائِصِ، فأذهب اللهُ جميعَ ذلك عن أهلِ البيتِ، ونَصْبُ أَهْلَ الْبَيْتِ على المدْح،ِ أو على النداءِ المضافِ، أو بإضمارِ أعني) .
وقال ابن حجر الهيتمي: (هذه الآيةُ مَنبَعُ فضائِلِ أهْلِ البَيتِ النَّبويِّ لاشتِمالِها على غُرَرٍ مِن مآثِرِهم، والاعتناءِ بشَأنِهم؛ حيثُ ابتُدِئَت بـ «إنما» المفيدةِ لحَصرِ إرادتِه تعالى في أمْرِهم على إذهابِ الرِّجسِ الذي هو الإثمُ أو الشَّكُّ فيما يجِبُ الإيمانُ به عنهم، وتطهيرِهم من سائِرِ الأخلاقِ والأحوالِ المذمومةِ) .
قال اللهُ سُبحانَه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]
عن كَعبِ بنِ عُجرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لَمَّا نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، جاء رجلٌ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، هذا السَّلامُ عليك قد عرَفْناه، فكيف الصَّلاةُ؟ قال: قُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ…)) .
وفي ذلك مَنقَبةٌ عظيمةٌ؛ حيث أمرَ بالصَّلاةِ عليهم تبَعًا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61].
عن سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: لَمَّا نزلت هذه الآيةُ: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ دعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليًّا وفاطِمةَ وحَسَنًا وحُسَينًا فقال: ((اللهمَّ هؤلاء أهلي  )) .
 قال ابنُ هُبَيرةَ: (هذا يدُلُّ على أنَّ المباهَلةَ إنما استُعمِلَت في الأعزِّ، وأعزُّ ما عند الآدميٍّ الطِّفلُ حتى يَكبَرَ، والحَسَنُ والحُسَينُ رَضِيَ اللهُ عنهما كانا صبيَّينِ؛ والولَدُ، فكانت فاطِمةُ وَلَدَه؛ والحميمُ، وهو عليٌّ، وكان صِهرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلم يكُنْ هناك أهلُ بيتٍ لرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذًا بُوهِلَ فيهم، وإنَّه لم يُعَرِّضْهم للمُباهَلةِ إلَّا على ثِقةٍ منه بالفَلَجِ، لعِزَّتِهم عليه، وأنَّهم أهلٌ لكُلِّ فضيلةٍ، وفَرضٌ حبُّهم على كُلِّ مُسلِمٍ)

وردت عِدَّةُ أحاديثَ تُبَينُ فضائِلَ ومناقِبَ أهْلِ البَيتِ عُمومًا

عن زيدِ بنِ أرقَمَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا خطيبًا فينا بماءٍ يُدعَى خُمًّا بين مكَّةَ والمدينةِ، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه وذَكَّر ووَعَظ، ثُمَّ قال: ((أمَّا بَعْدُ، ألا أيُّها النَّاسُ إنَّما أنا بَشَرٌ يُوشِكُ أن يأتيَني رسولُ رَبِّي عزَّ وجَلَّ، وإني تارِكٌ فيكم ثَقَلَينِ: أوَّلُهما كتابُ اللهِ عزَّ وجَلَّ فيه الهُدى والنُّورُ، فخُذوا بكتابِ اللهِ واستَمسِكوا به  ))، فحَثَّ على كتابِ اللهِ ورغَّب فيه، وقال: ((وأهلُ بيتي: أذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي)) .
 قال الطِّيبي: (قولُه: ((أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي)) أي: أحَذِّرُكم اللهَ في شأنِ أهلِ بيتي، وأقولُ لكم: اتَّقوا اللهَ، ولا تؤذوهم، فاحفَظوهم، فالتذكيرُ بمعنى الوَعظِ) .
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((والذي نفسي بيَدِه، لا يُبغِضُنا أهْلَ البَيتِ رجلٌ إلَّا أدخَلَه اللهُ النَّارَ)) .
 قال المناوي: (بُغْضُهم يُوجِبُ النَّارَ، كما جاء في عِدَّةِ أخبارٍ، كيف وهم أبناءُ أئِمَّةِ الهُدى ومصابيحِ الدُّجى الذين احتجَّ اللهُ بهم على عبادِه، وهم فُروعُ الشَّجَرةِ المُبارَكةِ وبقايا الصَّفوةِ الذين أذهب عنهم الرِّجسَ وطَهَّرهم وبرَّأَهم من الآفاتِ، وافترض مودَّتَهم في كثيرٍ مِنَ الآياتِ) .
وممَّا ذكَرَه أهلُ العِلمِ في شأنِ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
قال الشَّافعيُّ:
يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللهِ حُبُّكُــــــــــــــمُ              فَرْضٌ من اللهِ في القُرآنِ أنزَلَـــــــــــــهُ
يَكْفِيكُمُ مِن عَظيمِ الفَخرِ أنَّكُمُ             من لم يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لا صلاةَ له 
قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (أجمع تسِعونَ رَجُلًا من التابعينَ، وأئمَّةِ المُسلِمين، وأئمَّةِ السَّلَفِ، وفُقهاءِ الأمصارِ، على أنَّ السُّنَّةَ التي توفِّيَ عنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:… الترَحُّمُ على جميعِ أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعلى أولادِه وأزواجِه وأصهارِه، رِضوانُ اللهِ عليهم أجمعينَ. فهذه السُّنَّةُ الزَموها تسْلَمُوا، أخذُها هُدًى، وتركُها ضلالةٌ) .
قال الآجُرِّيُّ: (واجِبٌ على كلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنةٍ محبَّةُ أهلِ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بنو هاشِمٍ، عليُّ بنُ أبي طالِبٍ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه، وفاطِمةُ ووَلَدُها وذُرِّيَّتُها، والحَسَنُ والحُسَينُ وأولادُهما وذُرِّيَّتُهما، وجَعفَرٌ الطَّيَّارٌ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه، وحمزةُ ووَلَدُه، والعبَّاسُ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه رَضِيَ اللهُ عنهم، هؤلاء أهلُ بيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واجِبٌ على المُسلِمين محبَّتُهم وإكرامُهم، واحتِمالُهم، وحُسْنُ مُداراتِهم، والصَّبرُ عليهم، والدُّعاءُ لهم، فمَن أحسَنَ مِن أولادِهم وذرارِيِّهم، فقد تخلَّق بأخلاقِ سَلَفِه الكِرامِ الأخيارِ الأبرارِ، ومن تخلَّق منهم بما لا يَحسُنُ مِنَ الأخلاقِ، دُعِيَ له بالصَّلاحِ والصِّيانةِ والسَّلامةِ، وعاشَرَه أهلُ العَقلِ والأدَبِ بأحسَنِ المعاشَرةِ) .