
يذكر ابن الخطيب أن أهل غَرناطة كانت فصيحة ألسنتهم، عربية لغاتهم يتخللها عرف كثير و تغلب عليها الإمالة، فإلى جانب اللغة العربية الفصحى، التى كانت تستعمل في تحرير المراسلات الرسمية و الظهائر السلطانية، و في قرض الشعر و صياغة النثر، وجدت في الأندلس لهجة عربية مصبوغة بكلمات رومانسية تظهر في الزجل و الرسائل العادية و العقود المحررة.
و يذكر ابن سعيد : ”أن كلام أهل الأندلس الشائع في الخواص و العوام كثير الإنحراف عما تقتضيه أوضاع العربية، حتى لو أن شخصًا سمع كلام الشلوبيني لضحك بملء فيه من شدة التحريف الذي في لسانه، و الخاص منهم يتكلم بالإعراب”. و الشلبوني هذا هو عمر بن محمد بن عبد الله الازدي الإشبيلي، النحوي المعروف بالشلوبينى ،كان إمامًا في النحو، و له مصنفات كثيرة و شرح كتاب سيبويه.
و لقد كان أهل غَرناطة يبدلون القاف كافًا فكانوا يقولون “حك” و ”حكة” لنوع من الأوعية بدلًا من “حق” “حقة”. و قد استقطبت هذه الكلمات الرومانسية المعتمدة على الترقيق و التفخيم و التصغير من اللهجة المغربية خاصة لهجة أقصى شمال المغرب (قبيلة أنجرة نموذجا) لمجاورة المغرب لبلاد الفرنجة
و لعل من وصل إلينا من أزجال الششتري و ابن قزمان يفيد قطعا أن اللهجة التي كانت دارجة آنذاك في الاندلس هي لهجة مغربية صرفة؛ حيث لهجة قرطبة كانت شبيهة بلهجة أهل فاس و لهجة غرناطة قريبة طبعا من لهجة الشمال (تطوان، شفشاون…)

و قد أثبت ابن هشام اللخمي في كتابه عن لحن العامة في الأندلس عدد من الألفاظ الأعجمية التي دخلت إلى لغة العامة من جيرانهم أصحاب اللغتين الأعجميتين القشتالية و الأمازيغية المغربية مثل “سفنرية” بمعنى جزر و هي من الإسبانية “Zanahoria”
و”قبلق” بمعنى السلحفاة و هي فى الإسبانية
“Galapago”
كما كانوا يقولون لما تجعله المرأة على رأسها تحت مقنعتها من حرير أو غيره “كنبوش” و هو
“Cambuj” في الإسبانية
و سنورد أسفله رسالة موجودة في أرشيف قصر الحمراء بغرناطة، تعود لأسير موريسكي بعد عام على سقوط غرناطة يحكي فيها لإبن اخته الموجود في تطوان عن معاناته و يطلب منه ان يتوسط له عند سلطان المغرب. هذه الرسالة مكتوبة بلهجة مغربية لا غبار عليها، و هذا ان دل على شيء فهو يدل على أن الاندلس ما هي إلا امتداد جغرافي و حضاري و ثقافي للإمبراطورية المغربية الشريفة