الطواحين الهوائية في كتابة المسلم

الْمُسلمون هم أوَّل من أدخل طواحين الهواء ذات المحور الرأسي في الأندلس، إذ ظهرت أول مرة في أكبر الحواضر الاسلامية آنذاك خاصة المغرب و سوريا و العراق و مصر … ابتداء من القرن الثامن ميلادي و من ثم انتشرت الى سائرُ أوروبَّا. أما الطواحين الهوائية ذات المحور الأفقي لطواحين الهواء من النوع الذي يستخدم عادة اليوم تم اختراعه في شمال غرب أوربا في عام 1180 م؛ أي بعد حوالي 500 عام من اختراعها من قبل المسلمين

كان أهل المغرب و الأندلس من السباقين أيضا لادخال هذه التقنية في أنظمة الري، و لعل من أبرزها ناعورة أبي العافية في قرطبة التي بنيت في عهد الأمير عبد الرحمن الأوسط، و كذا نواعير فاس في المغرب. و كانت تستخدم هذه النواعير لطحن الذرة و الريّ و كذا جر المياه إلى البيوت، و لعل توصيل و جر المياه إلى قصر الحمراء في غرناطة أبرز مثال على الإبداع الإسلامي في التقنيات الهيدرولية في الأندلس، إذ تم إقامة سد على نهر “حدرة” شمالي التل الذي شيدت عليه القلعة و منه تؤخذ المياه و ترفع إلى الحصن بواسطة السواقي

تعرف هذه الطواحين الهوائية في المملكة المغربية بالناعورة أو السانية، و اسمها مشتق من النعير و هو صوت الناعورة. و تعد مدينة فاس من أكثر المدن المغربية التي كانت حريصة على استغلال المياه الوفيرة خاصة في العهد المريني؛ حيث النواعير المنثورة على مجرى وادي فاس أو وادي الجواهر الذي يخترق المدينة

إستخدمها أوروبيون حوالي 500 عام بعدما اخترعها المسلمون

إن المواصفات النادرة للناعورة الأم على وادي الجواهر في مدينة فاس، جعلتها تحفة فنية و تقنية لا منافس لها، فهي من خشب، مكسوة بالنحاس، كبيرة الحجم، واسعة المحيط، يبلغ قطرها 26 متراً، متجاوزة بذلك ناعورة حماة السورية، التي كانت مضرب المثل بحجمها الكبير

:هذه المواصفات جعلت لسان الدين بن الخطيب ينشد في شأنها قصيدة شعرية بالغة المعاني في وصفها

إلى الناعورة التي مثلت من الفلك الدوار مثالاً، و أوحى الماء إلى كل سماء منها أمرها، فأبدت امتثالا، و مجت العذب البرود سلسالا، و ألفت أكوابها الترفه و الترف، فإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالىى

وقوراء من قوس الغمام ابتغوا لها ** مثالا أداروها عليه بلا شك

فبين الثريا و الثرى سد جرمها ** و للفلك الدوار قد أصبحت تحكي

تصوغ لجين النهر في الروض دائماً ** دراهم نور قد خلصن من السبك

و ترسل من شهبانها ذا ذؤابة ** فتنفى استراق السمع عن حوزة الملك

و تذكرت العهد الذي اخترعت به ** و حنت فما تنفك ساجعة تبكي

تعرف هذه الطواحين في المغربية بالناعورة أو السانية